وَطــني المراوغ !

بادئ ذي بدء .. أعتذر عن كبحي جماح القلم في الأيام المنصرمة .. 
وددت فقط أن أتجرد من عصبيتي الثورية حين أتحدث عن الوطن أو سموها عصبيتي العاطفية ..
ما عدت أعلم كيف أصنف هذا الوطن القابع في تفاصيلي .. القابع في ألمي وفكري وعاطفتي ..
رغبت فقد أن أهذب الحرف حتى يخرج في قالب يليق بعاطفة أقدسها بعد تقديسي لخالقي العظيم وربي الكريم ..

لا أعلم عن ماذا سوف أكتب .. ولكني وجدت القلم جذلاً في الوطن .. 
هل أتكلم عن ما حدث في مثل ذاك اليوم ؟, تجربتي الفريدة في ال25 من يناير المنصرم ..؟
كيف كنت وكيف أنا الآن ؟..  أم أتكلم عن ذكرياتٍ في الميدان آلمني وأسعدني حملها في جعبة الذاكرة !
 أم أكتب عن 25 يناير الذي يفصلني عنه بضع سويعات .. 
أم أكتب عن سنة غابرة من القمع والإستبداد قضيت بعضها بروحي وجسدي في الميدان ولكني قضيتها كلها بروحي هنا أمام نافذتي على العالم ؟
أجد أن الكلام والتفاصيل يجر بعضها بعضا لا يمكنك فصل أحدها عن الآخر .. أنت فقط تفسد الرواية إن حاولت فعل ذلك ..
كذلك لا أجد في نفسي هوى للكتابة عن العرس الثاني للديموقراطية كما أطلقو عليه ألا وهو أول جلسات مجلس الشعب !!
الجميع هنا يتابع في ترقب وحذر مصحوب بتخوف أو فرحة وعند الكثيرين مصحوب بكبرياء الإنتصار .. أكرهها 
يبدو والله أعلم أني خلقت لإعترض كما يقولون .. أنا من تلك الفئة التي يرثى لحالها إلي (لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب )!!!

لا أريد أن أنقض وأتفزلك في خضم هذا العالم الذي لا يشبهني بحال من الأحوال يكفي خواضا في غمار السياسة .. شبعت وأصابتني التخمة .. كبرتني هذه المدعوة سنين على عمري وأنا مولعة بالإحتفاظ بطفولتي إلى أقصى الحدود ..

ربما أنا هنا بحاجة إلى إفراغ شحنة عاطفية كبدني ضمري أو قلبي عناء حملها .. لا أعلم صدقا هل أنا أحب هذا الوطن بقلبي أم عقلي أم بضمري .. أشبعني هذا الوطن حبا وأيقظ كل خلية في جسدي وهو ينبض بداخلي ..
أشبعني حيرة .. وأشبعني قراءة .. أشبعني غيرة عليه ممن يدعون حبه وهم عن حبه ببراء !
أما أنا المتورطة فيه وبيه حد الألم أو الأمل .. أيضا ما عدت أدري !
رزقني الله قدرا "وأنا أؤمن بالله وبأقداره " أن أعشق وطنا مراوغا .. إختلط فيه الحابل بالنابل .. وإختلط فيه قلبي بعقلي ..
وإختلط فيه رجال الدين برجال السياسة وأختلط فيه حماة الوطن بقتلة الوطن ..

أحببت وطننا أهداه الكثيرين أرواحهم وأجسادهم لكني أجده رغم هذا كله يريد المزيد .. يبدو أن هذا الوطن سيتحول قريبا إلى مصاص دماء أو أنه تحول بالفعل !!

أحببت وطنا يستكثر الإعدام على طاعنيه وخائنيه !! أحببت وطننا أصابني بالجنون والفصام وكل أنواع العلل العقلية !
أحببت وطننا لم تكفهِ نور الشمس فأخد نور أعين شبابه .. ولازال مظلما ظالما آثماً !!

يا وطني الحنون يا وطن الجنون يا وطني المراوغ .. كفا ألاعيب الأطفال هذه .. سئمتها .. إن كان ذاك إختبار في حب الوطن فقد كُتبت شهادات تفوقنا بدماء أغلياء هذا الوطن .. وإن كان قدرا من الله عزل وجل فإني أشهد أنه لا إله إلا أنت اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء 
فإن كتبت لهذا الوطن أن تُسقى شوارع التحرير فيه بمزيد من ينابيع الدم .. فهون علينا فراقهم وأكتبهم عندك شهداء .. وإن كتبت لنا النصر بعد حين فثبت قلوبنا وأشدد أزرنا وقوِ عزائمنا .. 
كالعادة أشتقاك يا وطني .. ومهما كثرت آثامك ستبقى مزروعا في دمي ولحمي والنابض في شمالي .. أنت قدري أيها الوطن .. قدري المراوغ .. وَطــنٌي  المراوغ !
ألقاك في قلبك يا وطن ألقاك في الميدان .. :) :)

تذوقوها http://soundcloud.com/fairouzk/c8fzdokxlz3x

الموقع أدناه :

واحدة نازلا التحرير ومش ضمنا ترجع بيتهم تاني